د. فايز بن عبد الله الشهري
ظل الأدب العربي (بكل فنونه) أداة تعليم وترفيه وتوثيق رافق العرب طوال تاريخهم كسجل حضاري ثقافي حفظوا بواسطته فنون تراثهم وعاداتهم ووظفوه في كثير من مناحي حياتهم. ومع التوسع الحضاري الذي عاشه العرب ما بعد الإسلام ظهر الأدب الملتزم بقيم التحول الجديد معبرا عن هموم الإنسان واصفا بيئته وحالاته النفسية والاجتماعية خاصة في مجال الشعر. و تحفظ لنا وثائق التاريخ كيف شارك الأدباء و الشعراء في استنهاض الهمم ونشر الدعوة وان بقيت بعض مظاهر التوظيف السلبي للشعر العربي بوجه خاص إلا أنها لم تكن ثقافة شعبية شائعة.
ومع انتشار الانترنت وتطبيقاتها وحضور أجهزة الهواتف المتنقلة (الجوال) في حياة مجتمعات اليوم انسحب دور الأدب النخبوي من حياة الناس ولم يعد لذوي المواهب الأدبية مكان في صدارة المجالس الالكترونية الجديدة. وتأسيسا على ذلك لا يمكن القول اليوم إن محتويات منتديات الانترنت ورسائل البريد الالكتروني والجوال وسيلة أمينة معبرة أو ناقلة لفرائد الأدب ودرر الشعر والنثر إذ يبدو أن الناس تحت جبرية الاستهلاك الجماهيري لوسائل الاتصال استعاضوا عن ذلك كله باستهلاك وإعادة إنتاج وترويج الثقافة الشعبية المستترة بكل مظاهرها السلبية. لو تأملنا كيف يتناقل الناس عبر هذه الوسائل الجديدة بعض مظاهر توظيف النكتة والقصيدة والقصة الشعبية وكيف أن مفردات قواميس اللغة البذيئة والشتائم المقذعة أصبحت ثقافة اتصالية يومية لا تنتفض لها مؤسسات ولا يعترض عليها أفراد.
في كل الأمم وعبر كل مراحل التاريخ كان ذوو المواهب الأدبية والفلسفية وحدهم من يمتلكون ناصية فن صناعة المثل المحكم والقصيدة التي تؤسس لقيمة وكذا كانت الرواية والقصة تختصر الهموم وتشخص مكامن الوجع بلغة فنية رفيعة يدرسها ويتعلم عليها الجيل الناشئ الذي تربت ذائقته وسط هذه الوجبات الأدبية ليسمو معها ومع هذه الفنون الرفيعة تنتقل ثقافات الشعوب من جيل إلى جيل. أما في عصر الانترنت فأصبح ممكنا لمراهق أو مراهقة تحويل سجل بريده الالكتروني إلى مجموعة قصصية أو رواية وسيجد في ثقافة الإثارة وتناقض التيارات الفكرية من يصفق لعمل خارج حدود الأدب قيمة وفنا بل وقد تجاوز الأخطاء الفنية والنحوية في الصفحة الواحدة عدد صفحات العمل المنثور أمام الناس.
و المأساة هنا ليست في وجود هذه المظاهر ولكن في قوة ترويجها وسرعة شيوع ثقافة "التفاهة" والتسلية الوقحة معها وبسببها ظهرت مواقع انترنت تحت مسميات أدبية وتأسست خدمات جوال (بيع محتوى) تصفعك كل صباح برسائل لا تمتلك ادنى مقومات الحس الفني والمصيبة في مثل هذه الاتجاهات الثقافية الجديدة أنها تؤسس لمرحلة من تاريخنا وتبني عبر تراكماتها وتكثيف حضورها ذائقة جيل وهوية مجتمع لا يمكن وسط فيضاناتها إصلاح ما قد تتسبب به من نتائج على المستوى الذوقي والأخلاقي في نهاية المطاف.
مسارات
قال ومضى: نعم آرائي قد لا تكون مصيبة ولكن صمتك المريب يا صاحبي مصيبة.
ظل الأدب العربي (بكل فنونه) أداة تعليم وترفيه وتوثيق رافق العرب طوال تاريخهم كسجل حضاري ثقافي حفظوا بواسطته فنون تراثهم وعاداتهم ووظفوه في كثير من مناحي حياتهم. ومع التوسع الحضاري الذي عاشه العرب ما بعد الإسلام ظهر الأدب الملتزم بقيم التحول الجديد معبرا عن هموم الإنسان واصفا بيئته وحالاته النفسية والاجتماعية خاصة في مجال الشعر. و تحفظ لنا وثائق التاريخ كيف شارك الأدباء و الشعراء في استنهاض الهمم ونشر الدعوة وان بقيت بعض مظاهر التوظيف السلبي للشعر العربي بوجه خاص إلا أنها لم تكن ثقافة شعبية شائعة.
ومع انتشار الانترنت وتطبيقاتها وحضور أجهزة الهواتف المتنقلة (الجوال) في حياة مجتمعات اليوم انسحب دور الأدب النخبوي من حياة الناس ولم يعد لذوي المواهب الأدبية مكان في صدارة المجالس الالكترونية الجديدة. وتأسيسا على ذلك لا يمكن القول اليوم إن محتويات منتديات الانترنت ورسائل البريد الالكتروني والجوال وسيلة أمينة معبرة أو ناقلة لفرائد الأدب ودرر الشعر والنثر إذ يبدو أن الناس تحت جبرية الاستهلاك الجماهيري لوسائل الاتصال استعاضوا عن ذلك كله باستهلاك وإعادة إنتاج وترويج الثقافة الشعبية المستترة بكل مظاهرها السلبية. لو تأملنا كيف يتناقل الناس عبر هذه الوسائل الجديدة بعض مظاهر توظيف النكتة والقصيدة والقصة الشعبية وكيف أن مفردات قواميس اللغة البذيئة والشتائم المقذعة أصبحت ثقافة اتصالية يومية لا تنتفض لها مؤسسات ولا يعترض عليها أفراد.
في كل الأمم وعبر كل مراحل التاريخ كان ذوو المواهب الأدبية والفلسفية وحدهم من يمتلكون ناصية فن صناعة المثل المحكم والقصيدة التي تؤسس لقيمة وكذا كانت الرواية والقصة تختصر الهموم وتشخص مكامن الوجع بلغة فنية رفيعة يدرسها ويتعلم عليها الجيل الناشئ الذي تربت ذائقته وسط هذه الوجبات الأدبية ليسمو معها ومع هذه الفنون الرفيعة تنتقل ثقافات الشعوب من جيل إلى جيل. أما في عصر الانترنت فأصبح ممكنا لمراهق أو مراهقة تحويل سجل بريده الالكتروني إلى مجموعة قصصية أو رواية وسيجد في ثقافة الإثارة وتناقض التيارات الفكرية من يصفق لعمل خارج حدود الأدب قيمة وفنا بل وقد تجاوز الأخطاء الفنية والنحوية في الصفحة الواحدة عدد صفحات العمل المنثور أمام الناس.
و المأساة هنا ليست في وجود هذه المظاهر ولكن في قوة ترويجها وسرعة شيوع ثقافة "التفاهة" والتسلية الوقحة معها وبسببها ظهرت مواقع انترنت تحت مسميات أدبية وتأسست خدمات جوال (بيع محتوى) تصفعك كل صباح برسائل لا تمتلك ادنى مقومات الحس الفني والمصيبة في مثل هذه الاتجاهات الثقافية الجديدة أنها تؤسس لمرحلة من تاريخنا وتبني عبر تراكماتها وتكثيف حضورها ذائقة جيل وهوية مجتمع لا يمكن وسط فيضاناتها إصلاح ما قد تتسبب به من نتائج على المستوى الذوقي والأخلاقي في نهاية المطاف.
مسارات
قال ومضى: نعم آرائي قد لا تكون مصيبة ولكن صمتك المريب يا صاحبي مصيبة.
السبت يناير 17, 2015 10:04 pm من طرف ساعد وطني
» هدي الرسول -صلى الله عليه وسلم- في التعامل مع الشباب
الأحد يناير 11, 2015 1:12 pm من طرف ساعد وطني
» انشطة الفصل الدراسي الثاني
الجمعة ديسمبر 21, 2012 8:19 pm من طرف خالد احمد الرويلي
» بطولة افضل لاعب جمباز في مدرستنا
الأحد ديسمبر 09, 2012 8:59 pm من طرف محمد سايل
» طـــفــل يكــرهـ الرســول صلى الله عليه وسلم ؟؟؟ لمـــــــــاذا !!!
الأحد أكتوبر 07, 2012 6:04 pm من طرف خالد بداح السهلي
» شكر من إدارة أحلى منتدى
السبت أكتوبر 06, 2012 9:52 pm من طرف خالد بداح السهلي
» ثقافة الفشل
الجمعة أغسطس 03, 2012 10:16 am من طرف ساعد وطني
» ثقافة الاعتدال في الاستهلاك (4)
الخميس يوليو 26, 2012 4:47 am من طرف ساعد وطني
» ثقافة الاعتدال في الاستهلاك (3)
الخميس يوليو 26, 2012 4:46 am من طرف ساعد وطني